يسعد مساكم

عطر الله جمعتك برياحين الجنة وظللك باغصان بساتينها وسقاك من زلال كوثرها وجعلك من المغتنمين لو قتها بكثره الصلاة على الحبيب التالين لسورة الكهف الناجين من يوم النفخ والحشر الثابتين على الحق حتى لقاء الرحمن

قديكون الرحيل قاسيا.. ولكن البقاء أقسى .. قد يكون الرحيل قاسيا على النفس مريرا على القلب ، ولكن قد يكون البقاء أقسى وأمر ، وذلك عندما تصبح في نظر من تحب مجرد شخص كغيرك ممن يصادفهم في حياته اليوميه ؛ حينها يصبح الرحيل بعيدا بعيدا وإلى مكان لايصل إليه صدى صوته ولا رائحة عطره ولا يتمكن طيفه من اقتحامه ، يصبح هو الخيار الوحيد بل الخيار الأمثل..! قد يكون الرحيل مؤلم إلا أنه في مثل هذه الحالة يعد حفاظا على مابقي من أشلاء الروح الممزقة عدى عن كونه محاولة للإبقاء على (قدسية) ذلك الشخص وعلى ذكريات لا نريد لها أن تسحق كما سحقت مشاعرنا بل لأننا نشعر في أعماقنا أننا غير مستعدين أن ننساها هذا إن لم نكن غير قادرين على نسيانها وإن كنا مستعدين أو راغبين أن نفعل ذلك!!!.. في نفس السياق ، قد نتنازل لأحدهم عن كبريائنا ونحاول أن نرضيه ولو كان ذلك على حساب مشاعرنا - على أمل - أنه يقدر هذه التنازلات بل يشعر بالإمتنان لكل مامنحناه إياه حتى وإن كانت تركيبته النفسية قد تمنعه من الإعتراف بذلك إلا أننا نرضى بالإستمرار ، لكن عندما يتجاهل كل ما تنازلنا به لأجله ويسحقها تحت أقدامه ليعيد نثر رفاتها على وجوهنا فلا أحسب ذلك إلا سقوط وأيما سقوط ، لايسعنا أن نتصرف حياله سوى بالندم على كل ابتسامة رسمناها على محياه وكل تنازل قدمناه له ، عندها تهوي مكانته ومعزته إلى الحضيض ونمقته بالقدر الذي كنا نحبه بل أكثر من ذلك بكثير.. قد يكون في ذلك شيء من القسوة أو الوحشية ، ولكن هل هناك قسوة أو وحشية أكبر من أن يحطم قلبك من يسكنه ويتحكم فيه؟! هل هناك وحشية أكبر من أن يعبث بمشاعرك من سلمتها له وأئتمنته عليها (ولم يسمح لك قلبك البريء أن تضع صعوبات في طريق تحكمه بها؟!!) أليس الخطأ يكمن فيما بين القوسين؟ هل كان يفترض بنا أن نضع صعوبات ونتصنع اللامبالاه كي نطمئن أن مشاعرنا لن تسحق؟؟!! لكن أليس الأجدر به هو أن يدرك بأن عليه الحفاظ على ماسلمناه إياه بهدوء؟ هذا إن لم يكن سيشعر بأن من واجبه الوقوف إجلالا أمام ما أئتمناه عليه !! .. هل يجدر بنا أن نتخذ مبدأ الحيطة والحذر حتى على مشاعرنا؟ سحقا لبني الإنسان. أرغب في أن أطلق لمشاعري العنان لأحلق بها في فضاء قدسي يشاركني فيه (إنسان إنسان إنسان) يشعر بإنسانيته قبل أن يشعر بإنسانيتي أنا.. لا أن يمسك بزمامها من ليس له من إنسانيته سوى إسمها بل يسكن في داخله وحش متلبس بهيئته . كم أنت عظيم يانرجس ، ولو أن بيني وبينك كما بين المشرق والمغرب ولو أن ما أرقك ليس كمثل الذي أرقني. إلا أنك كفرت بهم ورحلت إلى نفسك...! وذلك يجعلك عظيم بنظري.. أجل.. قد يكون الرحيل قاسيا ولكن...قد يكون البقاء أقسى. .... إهداء خاص ....